أنا المجد
نزار محمد عثمان
قال الطاغية معمر القذافي في خطابه الأخير لشعب ليبيا: (أنا المجد ..أنا مجد لاتفرط فيه ليبيا ولا الدول العربية أو الإسلامية أو أفريقيا أو أمريكا اللاتينية ). عندما سمعته يقول أنا المجد، قلت في نفسي: المجد عوفي .. المجد عوفي مما نسبت له، فأنت الخزي والعار، ولو كان المتنبي حيا، لغير بيته الشهير إلى
المجد عوفي مما قلت والكرم *** وحلّ فيك وفي أمثالك الألم.
أتظن أيها المعتوه أن المجد أنف شامخ، وخد مصعر، وجرأة في الكلام، وتهور في الأفعال، وغرور ظاهر، وتكبر واضح، واستعلاء فاضح.
ماذا فعلت أيها المغرور لتكون مجدا لا تفرط فيه ليبيا والدول العربية أو الإسلامية أو أفريقيا أو أمريكيا اللاتينية، إن ليبيا لم تفرط فيك فحسب بل تطلبك للمحاكمة، وبنغازي ومدن شرق ليبيا كلها تحتفل بالخلاص منك، وتلون السماء بالألعاب النارية فرحا بخروجها من سلطانك، والدول العربية تتندر عليك وتضحك على جهلك الجلي وغرورك الغبي، وتملأ الفضاء بالحديث عن عمالتك ووحشيتك، والدول الإسلامية لا تنسى استسلامك المهين لأمريكا ورضوخك لشروطها ودفعك للتعويضات التي قررتها عن يد وأنت صاغر، وأفريقيا تبرأت منك، وأمريكا اللاتينية لم تسمع بك إلا عبر مجازرك الأخيرة... فماذا بقي لك؟
لقد دخلت التاريخ حقا .. ليس من باب المجد كما تظن، بل من باب الاستكبار والغرور والجهل والوحشية والنرجسية، سيذكرك التاريخ بأنك الرئيس الذي قصف شعبه بالطائرات، واستأجر مرتزقة لحماية نظامه والفتك بأبناء وطنه، وأفرط في الغباء واستهان بالدماء... وظن أنه باستطاعته أن يغالب السنن، ويعاكس الزمن.
سيذكرك التاريخ بأنك أجهل الجهلاء، وأغبى الأغبياء، فأنت تجهل نفسك، ولا تعرف قدرك، سمعنا بمن يشعر أنه مهمّ وأنه مختلف عن الأخرين، وأنه صنع للشعب مجدا، وبنى للفخر صرحا؛ ونحو ذلك، لكنها المرة الأولى التي نسمع فيها شخصا يصرح أنه هو المجد، وليس المجد لليبيا وحدها، بل هو مجد العالم كله، ولذلك يجب أن لا يفرط العالم فيه!
المجد لا يحتاج إلى من يعلن عنه فهو يعلن عن نفسه، ولا يحتاج لمن يدعو الناس للعض عليه بالنواجذ لأنه يفرض نفسه، ليس بالوحشية كما تظن بل بالحضور البهي والإنجاز القوي والعزم الفتي والخلق النقي والفعل الزكي... وأنت من كل ذلك براء.
أخيرا .. أين تذهب يا دعي .. من اليتامى والأرامل والجثث المتفحمة .. أين تذهب من الدعوات التي انهالت عليك ( من ليبيا والدول العربية والإسلامية وأفريقيا وأمريكا اللاتينية) تسأل الله أن يريها فيك يوما أسودا.. يقيني من قديم أنك لست مثل غيرك من الحكام .. غرورا وتكبرا .. وفجورا وإجراما